٠٣ يونيو، ٢٠٠٩

Closure




فجأة توقفت..
أوصدت باب غرفتها؛ اطفأت الأنوار وأحكمت غلق النوافذ..
حرصت تمامًا على ألا يعلم أحد بسرها أو أن تتسرب ذرة عطر واحدة من فتحات الجدران..

من مخبئها السري أخرجت الصندوق الوردي المزركش عند الجوانب بحروف تمائم بيضاء خطتها بيديها
قفزت بحركتها الطفولية المعتادة إلى أعلى السرير؛ تقرفصت.. استعدت جيدا.. لا رجعة الآن في ذلك القرار..
فتحت الصندوق.. رويدا رويدا
تسرب النور من داخله وفاح العطر بأركان الغرفة.. لكم اشتاقت إلى تلك الرائحة!

أخرجت المقص البلاستيكي الأخضر-أمر متوقع للغاية أن تحتفظ بمقص الأطفال البلاستيكي خشية أن تجرح يديها بأدوات الكبار الحادة-
تمتمت في أسف:
"تغيرت..بالطبع تغيرت
ولكن لن تهلك البشرية إذا لم أعثر بحقيبتي على قطعة سكاكر أهديها للرضيعة رائعة الجمال بسيارة الأجرة..
وحتماً لن تحترق الملائكة إذا بت أكثر شرودًا أوأقل ابتساما"

بالرعشة فوق شفتيها والمقص بين إصبعيها.. قربته من عنقها
وبدأت في قص الشريطة السوداء-شريطة اللوم وجلد الذات- المربوطة بإحكام حوله؛
حاولت أن تتذكر كيف وُجِدت تلك الشريطه من الأساس؟

أجل أجل.. تذكرَتْ.. لقد ربطتها في البدء لتعلن الانقلاب على أسباب تعاستها..
فما كان منها إلا أن أمعنت في معاقبة روحها -بشد الوثاق حول رقبتها- على ذلك التغير الذي لم تكن أبدا سببًا فيه.. حتى فقدت التنفس.
تمزق أخيرا ذلك السواد الخانق بمقص بلاستيكي صغير.. أخضر اللون..

أخرجت علبة الزيت المصنع من رحيق الأزهار وقطرات السعادة.. وضعت كمية مناسبة على كفيها وبدأت في تمسيد أجنحتها..
"العضو الذي لا يستعمل يضمر".. هكذا يقول العلم
إذا لن يتطلب الأمر سوى القليل من التمرين وبعض من مستخلص أزهار السعاده حتى تعود لها قدرتها على الطيران..سالمة يا إلهي.. سالمة.

فجأة تتوقف عن لعن التغيير الذي تركها عاجزة عن مناوشة الفتاة في محل الأحذية أو عن النظر بعيني صديقتها التي افتقدتها بشدة وإزعاجها بأن "امتا الكلام يبتدي طول مابينا سكوت؟".. ببساطة تتوقف..

لن تكمل عمرها في أسىً على ال"كان" في حين ينزلق "الكائن" وال"يكون" من بين يديها دون أن تشعر.

سحبت قصاصة ورقية ملونة تعلم يقينا أنها ستروي عنها -قدرًا- قصة ما.. فتقرأ:

'في طريقهم إلى المطار والمناظر تتسارع أمامها تفكر:
ان.. يمكن.. يمكن أنا مش شجاعة زي ماكنت يمكن أنا بقيت أشجع؛ يمكن.. احتمال يعني.. إني مش مندفعة ولكني ماشية بشويش أوي في الاتجاه الصح'

مبتسمة تدير القرص الموسيقي بداخل الصندوق.. وتبدأ راقصه الباليه الصغيرة في الدوران..
وتدور هي معها على سطح قمر بعيد..

تمت
_____________

الاقتباس من حدوتة "رحيل" لرحاب بسام