٢٨ مارس، ٢٠٠٩

عنــها طفـلـــةً..




ذاتَ حياة، كانت طفلة وردية..

بأعين زنبقية وقلب من بنفسج..

كانت تحلم بتسلق جبل .. شاهق، حد النجوم علوه.

بالأخضر مغطى لا بالبياض.

تحلم أن تنظر للأفق من أعلى قمته -فوق السحب وبين ألوان قوس قزح- فترى الحقيقة كاملة:

البشر بضآلة حبات الرمل.. العالم بحجم عُلبة كبريت.

صباحًا، قررت..

لملمت قطعها المكسورة

برفق، وضعتها في حقيبة بلون ضفائرها،

وضعت معها حبات السكر والبندق وقطع الكعك.. أما أوراق النعناع فكانت زيادةً للأمان.

لم تنسَ بالطبع إحضار..

النسمة التي داعبتها يوم كانت (فرحانة أوي)

ثم الآهة التي كسرتها يوم كانت (زعلانة أوي)

وكلمسة أخيرة.. اقتلعت لون الورد والزنابق و البنفسج من جذور روحها.

أحكمت غلق الحقيبة .. ثم رفعتها على ظهرها الغض.

حين بدأت في التسلق.. حملتها أجنحة العصافير .. رافقتها بالونات الأطفال وفقاقيع الصابون.


في أعلى الأعالي وجدت الطفلة أسماكًا طائرة وفراشات مغردة..

كانت بسعادة النور... حيث لا ظلال

وكمن تحيا لأول مرة..

أنشدت أغنيتها لآخر مرة:

كل شي عم يخلص
السهر والاحلام
كل شيء عم يخلص
الضجر والإيام
الطريق عم يصغر ونحنا ع الطريق
رح تخلص المسافة.. والطريق

جلست الطفلة فوق صخرة بقمة الجبل..

أنزلت الحقيبة عن ظهرها..

بأصابعها الصغيرة البيضاء فتتت ما تبقى من قلبها المثقوب وأضافت فتاته لمحتويات الحقيبة.

احتضنتها لساعات ثم بقبلة مسكية العبق ودعت ما بها.

بأمل مريح -لا بفعل الراحة ذاته- أمسكت أطراف الحقيبة ..وقفت في اتجاه الرياح..

وقفت على أطراف أصابعها المنمنمة ورفعت الحقيبة بأقصى ماتطال قامتها القصيرة.

ثم كحبات المطر..

بدأت تهطل قطعها المكسورة ذات رائحة البنفسج وطعم السكر.. بغزارة وريقات الخريف مع رياح الأغنية:

كل شي عم يخلص
السهر والأعياد
والسفر عم ينده
بمطارح بعاد

الخريف عم يخلص

ونحن بالخريف

والضبابة غطت الرصيف


حال غسلت العالم بلون طفولتها الوردي،

كانت وأخيرًا قد نزعت عن عينيها نظرتها شديدة اللمعان نحو العالم والتي حالت دومًا بينها وبين حقيقته/ عتمته.

الدني عم بتغيب.

تمت
-_-_-_-_-_-_-_-_-

أبطال الأغنية:
ماجدة الرومي - إلياس الرحباني

٢١ مارس، ٢٠٠٩

سعادتي بك :)



أعترف أن ذاكرتي المستهلكة تمحو جميع الأحداث بحلوها ومرها بلا سابق انذار.. لكن شيئًا لن يستطيع محو تلك الذكرى:

أنا أذكر جيدًا ذلك اليوم، يوم ابتدأت صداقتنا، أجل أجل.. أذكر حين كنت بمكان ما بقرب قلبك.. بين أحشائك.. أسمع نبضاتك الحنون وأعيش بها.. صوتها الممزوج بهمساتك الدافئة.. بأغنيتي المفضلة ربما.. أو ربما بأقاصيص الجمال والسحر..
أذكر جيدًا كلماتك التي لم أع منها حرفًا.. كنتِ تعلمين ذلك لكنك أصررت على انشاء ذلك الحوار..
منذ ان كنت مضغة بداخلك.

كانت بدايتي صوتك.. أمان لا أحسه إلا بك.. بجوارك.. معكِ حبيبتي.

لقد قمتُ سيدتي بالقليل من العمليات الحسابية البسيطة جدًا وحصرتُ الكثير من الأسباب العادية جدًا..
فإذا بتلك الحقيقة تتجلى أمام ناظري:

<<<انتِ أحسن أم في الدنيا>>>

شكرًا أمي .. شكرًا

شكرًا لكل الليالي التي تسللتُ بها في الظلام .. تحت غطائك..
بأقدام شبه متجمدة.. والتصقت بجسدك الحنون..
وان استمر انبعاث الصقيع إليك مني طوال الليل.. لم يخفت دفئك لحظة.

شكرًا لكل المرات (اللي قفتشيني فيها وانا عاملة مش زعلانة وباضحك أوي عشان ماضايقكيش) فأفاجأ وَسْط تعالي ضحكاتي بــ(مالك يا حبيبتي؟ في حاجة مزعلاكي؟)

شكرًا لأن حبك العادل لم يفرق يومًا بيني وبين أخي.. حتى وان اشتدت صيحات الغيرة
-الغيرة دي داء بعيد عنكم-

حبيبتي.. أنا أدرك تمام الإدراك أن هو الكبير وانا آخر العنقود هو الراجل وأنا بنوتك.. هو قلبك وأنا قلبك.

شكرًا لكل أوقات (بعد الكلية) اللي باصدع دماغك فيها برغيي الأبدي اللامنتهي.. دون أدنى شكوى أو احساس بالملل.

شكرًا لامتلاكك جهاز الاستشعار عن بعد لأي خطر محدق.. فتكون نصيحتك خير عون لي
وشكرًا أوي يعني لاني لما باعند مع حضرتك باخد على دماغي:)

شكرًا على المساحة الــ4 سم التي أحتلها -بمعنى أصح أنحشر بها- بأي كنبة استلقيتِ عليها.. فقط لأنعم بقربك.

شكرًا لأن روحك الملونة تجعل تنزهنا أمتع ومناقشاتنا أمتع وحتى لعبنا بالبالونات.. أمتع وأمتع.

شكرًا لسلامنا السري الخاص جدًا ;)

شكرًا لتشجيعك ومتابعتك المشتاقة دوماً لكتاباتي ولوحاتي العبيطة مذ كنت في العاشرة..
لَكَم أقنعتني أنها في غاية الروعة في الوقت الذي كنت أعلم يقينًا أنها حمقاء طفولية بالغة السوء!


شكرًا لصفاء نفسك الذي يذهلني ونقاء روحك الذي يبهرني
شكرًا لثقافتك التي أتباهى بها دوماً.


شكرًا على شجارنا الأزلي بسبب قلة أكلي وشدة قلقك:)

شكرًا لأن قلبك مفتوح على الدوام لأي (ماما أنا عملت حاجة غلط .. والنبي ماتزعقيش)
شكرًا لأنك بتزعقي برضه :)

شكرًا لانك فكرتِ معي وحلمتِ معي و كبرتِ معي.

شكرًا لأني أسترق العبارات التي تجمع صفاتنا معا كأن:
(أنتِ شكل ماما أوي.. ياه دي نفس مشية ماما.. نفس ضحكة ماما)
فأحلق بها تحليقًا، بالرغم من أن شخصًا أطلق تلك الأحكام يعني أنه لم يعرف أي منا.. وحتمًا لم يرَ أبي.

شكرًا على الملوخية والبسلة والبامية والبتنجان.. وأطنان البطاطس اللي باحبها:)

شكرًا لأنك قلتيها كدا:(قدامك 6 ساعات لحد بكرة الصبح.. تكوني عملتي المدونة اللي نفسك فيها).

شكرًا لأنك ابنتي وأمي.. شكرًا لأنك أختي وأمي.. شكرًا لأنك صديقتي وأمي..

شكرًا لأنك فعلاً.. أحسن أم في الدنيا.


----------------

** اللوحة للفنان الإيراني مرداد جمشيدي